الرئيسية / صحافة ورأي / هيمنة الدولار على المحك

هيمنة الدولار على المحك

لايل براينارد
لايل براينارد

يهيمن الدولار الأميركي على الاقتصاد العالمي منذ أكثر من سبعة عقود من الزمن. يُجرى نحو 90 في المئة من معاملات الصرف الأجنبي اليوم بالدولار. وتُسعر النسبة الساحقة من التجارة الدولية – بما في ذلك 74 في المئة من التبادلات في آسيا و96 في المئة في الأميركيتين – بالدولار الأميركي. كذلك يشكل الدولار 58 في المئة من احتياطيات المصارف المركزية الواقعة خارج الولايات المتحدة. وتُظهر بيانات أن الأفراد والمؤسسات حول العالم يفضلون الأصول المقومة بالدولار أكثر من غيرها بكثير.

تمنح هيمنة الدولار الولايات المتحدة مزايا كبيرة. هي تقلل من تقلبات الأسعار في التجارة الخارجية الأميركية، وتمكن واشنطن من الاقتراض على نطاق واسع وبتكلفة منخفضة نسبياً، وتمنح الحكومة الأميركية أدوات قوية تستطيع من خلالها فرض عقوبات على خصومها. ويوضح الاقتصادي البارز كينيث روغوف في كتابه الجديد الممتع للغاية “دولارنا نحن، مشكلتكم أنتم” Our Dollar, Your Problem أن الإطاحة بعملة مهيمنة أمر بالغ الصعوبة. فالعادات المالية الراسخة إلى جانب قوة المؤسسات السياسية والمالية الأميركية هي عناصر قوة تبقي الدولار في القمة. وعلى رغم أن دولاً كثيرة ضاقت ذرعاً بنظام الدولار، لم يقدم أي منها بديلاً قادراً على تجاوز مزايا الوضع القائم للدولار. لكن روغوف يحذر في الوقت نفسه من أن هيمنة الدولار ربما بلغت ذروة تسبق انحسارها، ما يتطلب من الولايات المتحدة أن تصوغ سياساتها بحذر إذا أرادت الحفاظ على امتيازها هذا.

اتبعت الإدارات الأميركية المتعاقبة سياسات دعمت هيمنة الدولار أو على الأقل لم تُضعفها. لقد احترمت استقلال مجلس الاحتياطي الفيدرالي والتزامات الولايات المتحدة الدولية، بما في ذلك دورها كحارس للنظام المالي العالمي. غير أن إدارة الرئيس دونالد ترمب تستهدف اليوم الأسس المؤسسية التي تقوم عليها مكانة الدولار. هي تتجاوز حدود السلطة التنفيذية من دون أن تواجه اعتراضاً يُذكر. هي تحاول إضعاف استقلالية سلطة مجلس الاحتياطي الفيدرالي في مجال وضع السياسة النقدية واستقلالية الوكالات الإحصائية الحكومية الرسمية. وهي تضع التزامات الولايات المتحدة تجاه حلفائها وشركائها في دائرة الشك.ز

تتخذ إدارة ترمب هذه الخطوات في وقت تعتمد فيه سياسات تستند استدامتها إلى بقاء امتياز الدولار، ولا سيما منها مشروع قانون الإنفاق الضخم الذي وقعه الرئيس في يوليو (تموز)، وهو تشريع من المتوقع أن يرفع الدين القومي الأميركي إلى مستويات فلكية خلال العقد المقبل من الزمن. وإذا تراجعت هيمنة الدولار، ستتراجع معها قدرة واشنطن على الاقتراض، وسترتفع تكلفة خدمة دينها. وإذا تزامن ارتفاع مدفوعات الفائدة على الدين الفيدرالي مع تراجع قيمة الدولار، قد تجد الحكومة الأميركية خياراتها على صعيد المالية العامة مقيدة بطريقة تُلحق أضراراً دائمة بالاقتصاد.

هل القمة مأمونة؟

يتيح استخدام الدولار للدول الأجنبية إجراء معاملاتها التجارية حول العالم من دون الحاجة إلى الاحتفاظ بأرصدة مؤلفة من عملات متعددة – وهذه سهولة تعزز مكانة الدولار، تماماً مثلما تجعل سهولة استخدام اللغة الإنجليزية منها لغة التواصل العالمية السائدة. أما الابتعاد عن الدولار فيترافق مع تكاليف كبيرة، إذ يتطلب من الدول الاحتفاظ بأرصدة تتضمن عدداً كبيراً من العملات وإدارة لأخطار تقلب أسعار كل من هذه العملات.

ومع ذلك، استهدفت دول حليفة وعدوة للولايات المتحدة مكانة الدولار. غير أن أياً من عملات تلك الدول لم يمتلك المقومات اللازمة ليصبح مهيمناً، وفق روغوف.

منذ نشوء منطقة اليورو عام 1999، انخفضت حصة الدولار في احتياطيات النقد الأجنبي من 71 إلى 58 في المئة، بينما احتفظ اليورو بالمركز الثاني بنسبة 20 في المئة. ومع ذلك، يرى روغوف بحق أن من الصعب على اليورو إزاحة الدولار ما لم يقتنع المستثمرون الأجانب بأن أسواق الدين الرسمية المقومة باليورو توفر سيولة كافية، وهو تطور يتطلب تحققه تجاوز القيود السياسية والمؤسسية التي تمنع إصدار ديون أكبر حجماً تتمتع بضمانات الدول الأوروبية مجتمعة.

أما الصين وروسيا فتبديان حماسة أكبر للبحث عن بدائل للدولار بعدما ازدادت فاعلية الولايات المتحدة وحلفائها في فرض العقوبات باستخدام النظام المالي المعتمد على الدولار. بعد غزو روسيا أوكرانيا عام 2022، مثلاً، حدت واشنطن وحلفاؤها من وصول المصارف الروسية إلى أنظمة الدفع الدولية، وفرضت سقفاً لسعر النفط الروسي، وجمدت أصولاً سيادية روسية في الخارج. من جهة أخرى، تعمل الصين، بهدف تقليل تعرضها إلى الأخطار، مع دول شريكة، من بينها البرازيل والهند وروسيا، لتطوير نظام دفع بديل يستخدم عملتها الرينمنبي [الاسم الرسمي للعملة الصينية، ويعني حرفياً “عملة الشعب”]، وكذلك تتعاون مع دول أخرى لوضع معايير للتعاملات الرقمية العابرة للحدود، مستفيدة من غياب الولايات المتحدة عن هذا المجال.

بيد أن روغوف يلاحظ أن هذه الجهود لن تنجح في تدويل الرينمنبي أو في إزاحة الأنظمة المستندة إلى الدولار ما لم تُجر الصين إصلاحات جوهرية. ذلك أن بكين لن تتمكن من كسب ثقة المستثمرين الأجانب إلا إذا حررت أسواقها المالية، ووسعت أسواق سنداتها المسعرة بالرينمنبي وقللت من تقلب أسعارها، فيطمئن المستثمرون إلى قدرتهم على تصفية أصولهم كلما احتاجوا إلى سيولة.

مزايا صافية

في ستينيات القرن العشرين، استنكر فاليري جيسكار ديستان – الذي أصبح لاحقاً رئيساً لفرنسا – الوضع المميز للدولار والمزايا التي يجنيها الأميركيون منه واصفاً ذلك بأنه “امتياز مفرط”. يتناول روغوف هذه المزايا والأعباء المرافقة لها بموضوعية. بما أن الولايات المتحدة تستطيع الاقتراض من الأجانب والتسديد لهم بعملتها الخاصة، تتحمل أطراف غير أميركية أخطار تقلبات سعر الصرف. وهذا يعني عملياً تقلباً محدوداً لأسعار كثير من الواردات والصادرات الأميركية. وبما أن الولايات المتحدة هي الدولة المصدّرة للعملة المهيمنة في نظام المدفوعات الدولية الرسمي، فإنها تتمتع بقدرة واسعة على مراقبة المعاملات العابرة للحدود وبوسائل قوية لفرض العقوبات التي تعرقل تلك التدفقات. كما أن لواشنطن نفوذاً كبيراً في وضع قواعد النظام المالي الدولي، إذ إنها العضو الوحيد الذي يمتلك قوة تصويتية كافية لاستخدام حق النقض (الفيتو) على قرارات البنك الدولي وصندوق النقد الدولي.

كذلك تمكن هيمنة الدولار الولايات المتحدة من الاقتراض على نطاق واسع في مقابل معدلات فائدة تقل بكثير عن تلك التي تضطر إلى تحملها معظم الدول الأخرى – وهذه ميزة بالغة الأهمية اليوم في ظل ارتفاع حجم الدين الأميركي وتزايده. إذ مكن لواشنطن أن تقترض بتكلفة منخفضة لأن المستثمرين الأجانب يقبلون عوائد أقل مقابل الأمان والسهولة التي توفرها سندات الخزانة الأميركية. ذلك أن هذه السندات تُعد أصولاً آمنة وقابلة جداً للتسييل يمكن الاعتماد عليها في أوقات الأزمات المالية، هذا ناهيك عن أنها تشكل الضمانة الرئيسة في كثير من المعاملات الدولية. ويُبرز روغوف تقديرات حديثة تفيد بأن الحكومة الأميركية توفر نحو 140 مليار دولار سنوياً في تكلفة خدمة الدين الخارجي نتيجة انخفاض معدلات الفائدة المحددة، وقد تصل هذه الوفور إلى 600 مليار دولار سنوياً إذا شمل الاحتساب الديون المحلية.

تتخذ إدارة ترمب هذه الخطوات في وقت تعتمد فيه سياسات تستند استدامتها إلى بقاء امتياز الدولار، ولا سيما منها مشروع قانون الإنفاق الضخم الذي وقعه الرئيس في يوليو (تموز)، وهو تشريع من المتوقع أن يرفع الدين القومي الأميركي إلى مستويات فلكية خلال العقد المقبل من الزمن. وإذا تراجعت هيمنة الدولار، ستتراجع معها قدرة واشنطن على الاقتراض، وسترتفع تكلفة خدمة دينها. وإذا تزامن ارتفاع مدفوعات الفائدة على الدين الفيدرالي مع تراجع قيمة الدولار، قد تجد الحكومة الأميركية خياراتها على صعيد المالية العامة مقيدة بطريقة تُلحق أضراراً دائمة بالاقتصاد.

تصديع الأسس

في المجمل، يستفيد الأميركيون من استمرار هيمنة الدولار منذ سبعين سنة. تعتمد ديمومة هذه الهيمنة على بقاء الأصول المقومة بالدولار جذابة للمستثمرين الأجانب. وهذا يستند، وفق روغوف، إلى قوة المؤسسات والأعراف الأميركية: استقلال مجلس الاحتياطي الفيدرالي، وسيادة القانون، وسجل موثوق على صعيد الالتزامات الدولية. توفر المؤسسات الأميركية حماية من ارتفاع معدل التضخم الذي قد يضعف من قيمة الأصول المالية، وتصون حقوق الدائنين، وتضمن الوصول إلى الأسواق المالية، وتحافظ على الجدارة الائتمانية الأميركية العالية. هذه الأسس تصون مكانة الدولار على رغم تقلب السياسات الأميركية وظهور عملات أجنبية منافسة.

لكن التوقعات باستمرار هيمنة الدولار تستند إلى متانة تلك المؤسسات. والمشكلة أن روغوف ينهي كتابه عند الانتخابات الرئاسية التي أجريت في نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، وبذلك لا يتناول الكتاب الخطوات التي يتخذها ترمب في ولايته الثانية والتي قد تقوض تلك الأسس.

من جهة، ترفع الإدارة الحالية الرسوم الجمركية على الواردات الأميركية إلى مستويات لم تُسجل منذ صدور “قانون سموت-هاولي” Smoot-Hawley Tariff Act عام 1930، ربما بهدف تعويض بعض خسائر الإيرادات الضريبية الناجمة عن مشروع قانون الإنفاق الضخم المقر في يوليو. يعد وزير الخزانة سكوت بيسنت بتحصيل “عدة مئات من مليارات الدولارات سنوياً، ما سيقلل الحاجة إلى إصدار مزيد من السندات”. وإلى اليوم، يبلغ متوسط الرسوم الفعلي نحو 17 في المئة لكل دولة، أي ما يعادل زيادة تقارب ثمانية أضعاف مقارنة بالعام الماضي. ولم تسلم حتى الدول الحليفة من الإجراء، إذ فُرضت رسوم بنسبة عشرة في المئة على المملكة المتحدة، مثلاً، على رغم أن الولايات المتحدة تسجل فائضاً تجارياً معها.

تتجاهل إجراءات الإدارة الأحادية هذه، صلاحية الكونغرس الدستورية في تحديد الرسوم الجمركية. وبالفعل، تعتبر محكمة استئناف فيدرالية أن رسوم ترمب الشاملة تتجاوز حدود سلطته التنفيذية بموجب “قانون السلطات الاقتصادية الطارئة” الصادر عام 1977. وإذ تُفرض الرسوم من دون مراعاة للاتفاقيات التجارية القائمة بين الولايات المتحدة والدول الأخرى، تقوض الإجراءات الثقة في التزامات واشنطن الاقتصادية الدولية – وهي عنصر أساسي من عناصر الإيمان بنظام الدولار.

علاوة على ذلك، تضع إدارة ترمب مراراً استقلال مجلس الاحتياطي الفيدرالي في تحديد السياسة النقدية موضع تشكيك. لكي يظل المستثمرون الأجانب راغبين في شراء سندات الخزانة الأميركية المنخفضة العوائد، يجب أن يثقوا بأن الولايات المتحدة لن تلجأ إلى تعزيز التضخم لتقليص ديونها. وليس استقلال المصرف المركزي إلا الضمانة لتلك الثقة. يؤكد روغوف، مستنداً إلى بحوث رائدة أجراها بنفسه، أن سندات الخزانة الأميركية تُعتبر أصولاً آمنة لأسباب منها أن مجلس الاحتياطي الفيدرالي يحافظ على استقلاله السياسي وينجح في إبقاء معدل التضخم منخفضاً ومستقراً منذ منتصف ثمانينيات القرن العشرين.

إن خطر ارتفاع التضخم والبطالة الناتج من الرسوم الجمركية التي فرضتها إدارة ترمب وضع لجنة السياسات النقدية في مجلس الاحتياطي الفيدرالي في موقف صعب. فقد انتقد الرئيس المجلس لعدم خفضه أسعار الفائدة بالسرعة الكافية، وهدد بإقالة رئيسه، بل أقال أحد أعضائه من دون اتباع الإجراءات القانونية، على رغم أن محكمة محلية ومحكمة استئناف فيدرالية أوقفتا القرار. كذلك عيّن عضواً جديداً في المجلس يشغل في الوقت نفسه منصباً في طاقم البيت الأبيض بإجازة موقتة، في سابقة لم تحدث من قبل. وتمثل هذه التصرفات مجتمعة هجوماً غير مسبوق على استقلالية المؤسسة.

وقد أوضح ترمب أنه يرى ضرورة أن يخفض الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة لتقليل مدفوعات الفائدة على الدين العام (الذي سيرتفع بموجب مشروع قانون الإنفاق الذي أقره في يوليو)، مدعياً أن رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول يمكن أن يحقق “وفراً يقارب تريليون دولار بمجرد توقيع واحد”. لكن لو اعتقد المستثمرون أن الاحتياطي الفيدرالي سيعطي أولوية لإدارة الدين على حساب مهمته القانونية في مكافحة التضخم، فسوف يطالبون بعوائد أعلى على سندات الخزانة تعويضاً عن توقعاتهم بارتفاع التضخم، ما سيؤدي إلى زيادة مدفوعات الفائدة الفيدرالية بدلاً من خفضها.

وبالمثل، بعد أن أصدر مكتب إحصاءات العمل تقرير التوظيف لشهر يوليو الذي أظهر ضعفاً في نمو الوظائف، أقال ترمب رئيس المكتب الذي صادق عليه مجلس الشيوخ. وتُهدد مثل هذه الأفعال استقلالية المؤسسات الإحصائية الرسمية ونزاهة البيانات التي تصدرها. أما ثقة المستثمرين بقوة الدولار وأمانه فتعتمد بدورها على ثقتهم بجودة الإحصاءات الحكومية الأميركية التي تُستخدم لتقييم حالة الاقتصاد والنظام المالي في الولايات المتحدة.

مجازفة خطيرة

المقلق أن ذلك كله يحدث بينما سيضيف القانون الجديد الذي أعدته الإدارة أكثر من أربعة تريليونات دولار إلى الدين الأميركي خلال عقد واحد من الزمن، في وقت يبلغ الدين نحو 100 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي وتتصاعد تكلفة خدمته سنوياً. ومع ازدياد الاقتراض، وفق خطط إدارة ترمب، يهدد استهداف الإدارة أسس هيمنة الدولار بتقويض المزايا التي توفرها الثقة العالمية بسندات الخزانة الأميركية، بما في ذلك وفور تتجاوز تريليون دولار في مدفوعات الفائدة خلال عشر سنوات.

في البداية، تفاعلت الأسواق المالية بحدة مع تحركات الإدارة العدوانية وغير المعتادة على صعيد رفع الرسوم الجمركية أو تهديد استقلال مجلس الاحتياطي الفيدرالي: ارتفعت عوائد السندات البعيدة الأجل – ما زاد تكلفة الاقتراض على الحكومة الأميركية – وتراجع الدولار.

رداً على ذلك، سارعت الإدارة إلى التهدئة. في التاسع من أبريل (نيسان)، أي بعد أسبوع من إعلان “يوم التحرير” الذي شمل إطلاق ترمب رسوماً جمركية شاملة وتسبب بهبوط الأسهم والدولار، أوقف الرئيس العمل بالرسوم موقتاً لتسعين يوماً. ثم كتب ترمب على وسائل التواصل في 17 أبريل يقول إن “إقالة باول يجب أن تحصل بسرعة كافية!”، وبعد تصريح مدير المجلس الاقتصادي القومي كيفن هاسيت عن البحث في خيارات للقيام بذلك، تراجعت الأسواق مجدداً. وما لبث ترمب أن أعلن عن تحول جديد في 22 أبريل إذ أفاد بأن “لا نية لإقالة” باول.

ومع ذلك، ليس تعويل واشنطن على ضعف بدائل الدولار باعتباره أمراً كافياً يمكنها من انتهاك الأعراف والالتزامات من دون ثمن سوى رهان خطير. حتى إن لم تتوافر عملة واحدة قادرة تماماً على الحلول محل الدولار، يبقى خطر تراجع مكانته المركزية قائماً. تتراجع بالفعل حصة الدولار من الاحتياطيات العالمية أكثر من عشر نقاط مئوية منذ عام 2000، فيما تتطور الابتكارات المالية بسرعة وتعمل الدول المنافسة على بناء بدائل لأنظمة الدفع المستندة إلى الدولار.

تصبح مبررات الحفاظ على امتياز الدولار أقوى من أي وقت مضى، إذ تجعل حالات العجز المتزايدة من الضروري إبقاء تكلفة خدمة الدين منخفضة. كذلك تتطلب استراتيجية واشنطن في استخدام فرض العقوبات على خصومها لخدمة مصالحها الأمنية استمرار امتلاكها الأدوات المالية التي يوفرها موقع الدولار. لكن إذا واصلت الإدارة الحالية تقويض استقلال مجلس الاحتياطي الفيدرالي والوكالات الإحصائية الرسمية، وواصلت زعزعة مصداقية التزامات الولايات المتحدة الدولية، قد تضعف هيمنة الدولار التي تعتمد عليها السياسات الداخلية والخارجية الأميركية على حد سواء. فالدولار ليس محصناً، والوقت ليس مناسباً للمجازفة باتخاذ قرارات سيئة والاعتماد على الحظ. إذا سقطت عملة الأميركيين من عليائها، سيدفعون الثمن.

لايل برينارد هي زميلة متميزة في “مركز بساروس” بجامعة جورجتاون، وزميلة بارزة في “مركز موسافار-رحماني” التابع لكلية كينيدي في جامعة هارفارد. شغلت مناصب عدة منها مديرة المجلس الاقتصادي الوطني، ونائبة الرئيس وعضو في مجلس الاحتياطي الفيدرالي، ووكيلة وزارة الخزانة الأميركية.

مترجم عن “فورين أفيرز”، نوفمبر (تشرين الثاني) / ديسمبر (كانون الأول) 2025

Independent News 

شاهد أيضاً

سمير زيتوني هو الأساس

مساءَ السبت الماضي كانَ من أمسيات الرعب، كما في أفلام القتلة المتسلسلين، في قطارٍ من …