تُجسّد نوكيا وإيستمان كوداك _اثنتان من أشهر الشركات العالمية في أواخر القرن العشرين_ مفارقة الريادة التكنولوجية المقترنة بتراجع الشركات.
فقد كانت كلٌّ من الشركتين رائدة في ابتكاراتٍ غيّرت قطاعاتٍ بأكملها -نوكيا في مجال الاتصالات المتنقلة وكوداك في تقنيات التصوير- إلا أنهما فشلتا في نهاية المطاف في الحفاظ على ريادتهما السوقية.
تأسست شركة إيستمان كوداك عام 1892، إلا أن جذورها تعود إلى عام 1897، عندما حصل جورج إيستمان على أول براءة اختراع له لآلة طلاء الصفائح، في عام 1888، باع إيستمان أول كاميرا كوداك مقابل 25 دولاراً. حققت شركة كوداك نجاحاً متواصلاً على مدار قرن من الزمان في إنتاج الكاميرات والأفلام، ولكن هذا الوضع القوي في السوق لم يدوم طويلاً وفشلت شركة كوداك في الاستفادة من صعود التكنولوجيا الرقمية.
في عام 2012، أعلنت إفلاسها، وعند تقديم طلب الإفلاس بموجب الفصل الحادي عشر، كان لديها 100 ألف دائن، وبلغ مجموع ديونها 6.75 مليار دولار. وفي أغسطس 2025، حذرت شركة إيستمان كوداك، شركة التصوير الفوتوغرافي التي تأسست قبل 133 عاماً، المستثمرين من أنها قد لا تتمكن من البقاء لفترة أطول، وذلك لأنها لا تملك «تمويلاً ملتزماً أو سيولة التنفيذ» لسداد ما يقرب من 500 مليون دولار من الديون.
وتُبرز هذه الحالات أهمية المرونة التنظيمية، وتطوير النظام البيئي، والتغيير الذاتي في الوقت المناسب. وتختتم الورقة البحثية بعرض دروس أوسع نطاقاً لاستراتيجية الشركات في الصناعات ذات التكنولوجيا العالية، وتقدم ملحقاً يسرد عشرة إخفاقات كبرى للشركات في القرن الماضي.
في الوقت نفسه، حقق القسم إيرادات بلغت 2.1 مليار دولار فقط العام الماضي، ما يُبرز مدى بُعد غزو ميتا لمجال الواقع الافتراضي والمعزز عن تحقيق الربحية. في حديثه عن هذه المبادرات خلال مؤتمر الأرباح، أفاد مارك زوكربيرغ بأن عام 2025 سيكون عاماً محورياً في تحديد مسار مشاريع ميتا طويلة الأجل، وأضاف: “سيكون هذا العام الذي نفهم فيه مسار نظارات الذكاء الاصطناعي كفئة”.
فشل مواكبة التطور يهدم نوكيا
بعدما كانت نوكيا في قمة هرم قطاع التكنولوجيا، تراجعت مكانتها بشكل ملحوظ، وفي دراسة تابعة للمجلة الدولية للنشر والمراجعات البحثية قام بها شيفاني سينغ في يونيو حزيران، يعود سبب تراجع نوكيا بشكل رئيسي إلى فشلها في مواكبة ثورة الهواتف الذكية.
فباستمرارها في استخدام منصات قديمة مثل سيمبيان، في الوقت الذي تقدم فيه منافسون مثل أبل وسامسونغ، أهملت الشركة إدراك الأهمية المتزايدة للبرمجيات، والواجهات سهلة الاستخدام، وأنظمة التطبيقات، وتسارع تراجعها بسبب سوء الإدارة الداخلية، وبطء الابتكار، والقرارات الاستراتيجية الخاطئة. ونظراً لتطلعها للمستقبل، حوّلت نوكيا تركيزها من الهواتف المحمولة إلى البنية التحتية للاتصالات، وتقنية الجيل الخامس، وحلول الأعمال، وتعتزم نوكيا مواصلة دورها كلاعب رئيسي في قطاع التكنولوجيا والشبكات العالمي، حتى لو لم تستعد هيمنتها السابقة في مجال الإلكترونيات الاستهلاكية.
بحسب ريسيرش جيت، كوداك ونوكيا ليستا الوحيدتين في من يحاول لملمة حطام قلاعهم المنهارة، بل يوجد قائمة كاملة.
1- إنرون 2001: شركة طاقة عملاقة انهارت بسبب احتيال محاسبي.
2- ليمان براذرز 2008: أفلس البنك الاستثماري خلال الأزمة المالية.
3- بلوكباستر 2010: فشلت في الانتقال إلى البث عبر الإنترنت.
4- بلاك بيري 2016: شركة رائدة في مجال الهواتف المحمولة تُستبدل بمنافسين يعتمدون على النظام البيئي.
5- ياهو 2017: تراجعت من شركة رائدة في مجال البحث إلى استحواذ فيريزون عليها.
6- تويز آر أص 2018: أفلست تحت ضغط من أمازون وول مارت.
7-جنرال موتورز 2009: أعلنت إفلاسها خلال الأزمة المالية.
أهم من يواجهون خطر الانهيار
حسب ما قال محمد الغباري، الرئيس التنفيذي للأكاديمية الاقتصادية بدبي، إن من أهم الشركات المعرضة للانهيار هي إنتل في المقام الأول التي تتقهقر أمام سباق الذكاء الاصطناعي وسناب شات الخاسرة أمام المنافسة مع تيك توك وإنستغرام، وأخيراً ميتا التي تتوسع خسائرها بسبب رهانات الميتافيرس.
سباق المنافسة تخسره سناب شات أمام إنستغرام وتيك توك
بدأ تراجع سناب شات تقريباً عام 2018، عندما تعرّضت إعادة تصميم رئيسية لانتقادات شديدة، ما أدى إلى نفور المستخدمين والمشاهير على حد سواء، في الوقت نفسه تقريباً، اكتسب إنستغرام وتيك توك قاعدة جماهيرية كبيرة، حيث قاما بمحاكاة وتحسين ميزات سناب شات الرئيسية، مثل القصص وفلاتر الواقع المعزز.
كما عانى التطبيق من مشكلات في تحقيق الدخل، ومخاوف الخصوصية، وفشله في جذب الفئات العمرية الأكبر سناً. أدى كل هذا مجتمعاً إلى تباطؤ النمو وتراجع التفاعل.
بدأ جيل زد بالابتعاد عن سناب شات، لاجئاً إلى منافسَيه إنستغرام وتيك توك، اللذين قدما محتوى أكثر جاذبية، وخوارزميات اكتشاف أفضل، وميزات تواصل اجتماعي أقوى.
أسهم فقدان سناب شات للابتكار، وإعادة تصميمه المتكررة وإن كانت بسيطة، وتجربة المستخدم غير المتقنة، في توجه الشباب نحو واقع أكثر عصرية، بالإضافة إلى ذلك، أصبح محتوى الفيديو القصير أكثر شيوعاً من الصور والرسائل التي تختفي، ما جعل تيك توك المنصة الأبرز بين منصات الترفيه والتعبير عن الذات.
إنتل تخسر أمام طفرة الذكاء الاصطناعي
أسس روبرت نويس وجوردون مور شركة إنتل، ما أسهم في إعادة تشكيل وادي سانتا كلارا في كاليفورنيا من بساتين فاكهة إلى مركز التكنولوجيا في وادي السيليكون.
انضمت إنتل ومايكروسوفت، الشركة المصنعة لنظام ويندوز، إلى قائمة شركتي التكنولوجيا الأولى التي تُدرج في مؤشر داو جونز الصناعي، وفي عام 1999 طرحت شركة إنفيديا أولى وحدات معالجة الرسومات، والتي أصبحت خلال العقد الأول من القرن الحادي والعشرين عنصراً أساسياً في أجهزة الكمبيوتر والخوادم مع ظهور تطبيقات الألعاب والوسائط المتعددة، في المقابل ظلت استراتيجية إنتل التطويرية تركز على وحدات المعالجة المركزية، ما حرمها في نهاية المطاف من السبق في ثورة الذكاء الاصطناعي في عشرينيات القرن الحادي والعشرين.
وفي عام 2000، مدفوعةً بفقاعة الإنترنت، وصلت القيمة السوقية لأسهم إنتل إلى مستوى قياسي بلغ 495 مليار دولار، حيث استفادت هي ومايكروسوفت وسيسكو سيستمز وديل من طفرة في مبيعات أجهزة الكمبيوتر، وبحلول أواخر عام 2024، ستنخفض قيمة إنتل إلى أقل من 100 مليار دولار، بحسب رويترز.
وفي 2007، أطلقت أبل هاتف آيفون، ما ساعد في انطلاق طفرة في سوق الهواتف المحمولة لم تحظَ بها إنتل في معظمها، وفي 2017، تجاوزت سامسونغ الشركة الأميركية كأكبر شركة مصنعة للرقائق في العالم من حيث الإيرادات، مع ارتفاع الأسعار في معقل سامسونغ في سوق الذاكرة، في الوقت نفسه، تنازلت إنتل عن ريادتها في تكنولوجيا التصنيع لشركة تي إس إم سي التايوانية لتصبح الآن أكبر شركة مصنعة للرقائق في العالم بموجب عقود، مع عملاء من بينهم أبل.
ميتا مهددة بسبب رهانها على الميتافيرس
في حين أن طموحات ميتا في مجال الذكاء الاصطناعي دفعت إلى زيادة الإنفاق الرأسمالي، والذي من المتوقع أن يزداد أكثر في عام 2025، إلا أن قسم مختبرات الواقع الافتراضي في الشركة لا يزال يُعاني من خسائر مالية. في عام 2024، بلغت الخسارة التشغيلية لقسم رياليتي لاب التابع لشركة ميتا رقماً قياسياً بلغ 17.7 مليار دولار، ليصل إجمالي خسائر رهان رئيسها مارك زوكربيرغ الكبير إلى ما يقارب 70 مليار دولار خلال السنوات الست الماضية. في الوقت نفسه، حقق القسم إيرادات بلغت 2.1 مليار دولار فقط العام الماضي، ما يُبرز مدى بُعد غزو ميتا لمجال الواقع الافتراضي والمعزز عن تحقيق الربحية.
في حديثه عن هذه المبادرات خلال مؤتمر الأرباح، أفاد مارك زوكربيرغ بأن عام 2025 سيكون عاماً محورياً في تحديد مسار مشاريع ميتا طويلة الأجل، وأضاف: “سيكون هذا العام الذي نفهم فيه مسار نظارات الذكاء الاصطناعي كفئة”.