رغم أن المؤثرين الذين يقومون بنشر المعرفة التي تدفع الناس إلى الكفاح لبناء مجتمعات المعرفة. و لعبوا دور فى حياة العظماء ممن أضافوا للبشرية ولم يأخذوا منها ، ومساعدتهم من أجل العلم والتعلم والتفوق والعدالة و الأنسانية ، والارتقاء بأرواحهم للسمو والعطاء والمشاركة من أجل مجتمع أفضل ، أن تأثير المؤثر لابد أن يدعمه الإصرار فهو مفتاح الوصول الى النجاح .
دائما ما يكون الإصرار خلف الوصول لشيء نبتغيه ، والنجاح فى بلوغ المراد ليس نهاية الطريق ، ولا ينقص من قدرتنا ولا يقلل من قيمتنا فى شيء ، والكثيرون ممن لديهم إمكانيات لا يستهان بها ، لا يبلغون مرادهم لا لشيء إلا لانعدام الإصرار فى حياتهم ، بالرغم من أن تحدي الصعاب أمر بمقدور كل البشر .
وبالإصرار وحده يمكن أن نكمل الطريق في أي ظرف كيفما كان، فالنفوس العظيمة لا تستسلم ولا تجد راحتها واستقرارها إلا في التحدي لتحصل على ما تريده، لإيمانها القوي بإمكانياتها؛ فهي وحدها الأعلم بمستوى قدراتها ولرغبتها جامحة للوصول للأهداف المنشودة، وعندما يتجسد الإصرار في الكيان لا نقبل التراجع فإنه يستكنُّ مندفعا عبر طموحاتنا التي تصبح بلا سقف محدد، وستزيد الثقة بقدراتنا بشكل كبير لو تفحصت القصص الملهمة من حولك، لأنك ستتأكد من خلالها بأن الإصرار لوحده قد يكفينا في رحلتنا لنيل ما نريده .
أن الإصرار كان الشرط اللازم لنجاح هاني عازر و فاروق الباز في أغلب الخطوات التي خطوها في حياتهما .
***
هاني عازر مهندس مصري ألماني 77 عاماً من أبناء عائلة بسيطة مستورة بمدينة طنطا عاصمة محافظة الغربية ، اهتمت به وعلمته ، حمل أحلامه وآماله من مسقط رأسه ، ووضعها في حقيبة سفر ؛ بدأت رحلته من محطة سكك حديد طنطا، ولم يتوقف قطاره إلا في محطة برلين، ليكافح ويجتهد ويبدأ أولى خطواته في الصعود لسلم النجاح كبائع للجرائد، إلى أن أصبح أشهر خبير أنفاق في العالم ليفرض نفسه بقوة على الساحة العالمية، كواحد من أعظم مهندسي الأنفاق في العالم، وأصبح اسم هاني عازر علامة مميزة في عالم الأنفاق … أشرف على بناء محطة قطارات برلين Berlin Hauptbahnhof. إنسان هادئ الطبع ، متواضع ، وأطلق عليه الغرب أمنحوتب الفراعنة ، عندما يناديه أحد بهذا اللقب يسرع بالرد ، “أنا ولا أمنحوتب ولا خفرع ولا منقرع.. أنا راجل غلبان “.
رجل حقق الكثير من طموحاته فى مجال عمله ، ولكنه مشغول بهموم مصر ، ويطمح ويشغل عقله شباب مصر الذي يود أن يراه فى أفضل حال وعلى قدر علمي يليق به ، ودائمًا ما يردد “عازر” مقولة “لا شىء مستحيل، ولا شىء لا يمكن القيام به، بكثير من الصبر وكثير من الإرادة والعمل يصبح الحلم واقعًا ، وصل ألمانيا عام 1974 خائفًا من المجهول، واستمر في رحلة التحدى هناك أكثر من 36 سنة .
تأثر الشاب المصري الأصيل كثيرا بشخصية البابا شنودة بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية “الراحل” حينما كان أسقفاً وقتها حيث أنه هو الذى أقنعه بدخول كلية الهندسة بجامعة عين شمس، لأنها قريبة من إقامة “عازر” بحدائق القبة، وحتى لا يرهق في وسائل المواصلات . قصة نجاحه فى الغربة ، بدأت من الصفر فعندما ذهب الى ألمانيا بشهادة من كلية الهندسة جامعة عين شمس ، وبلا منحة دراسية ، لا يعرف إلا لغته العربية ، والجيب خالي ، وبإصراره على النجاح فى مجال الهندسة الذي أحبه ، كان لابد أن يتعلم اللغة ويعمل فى نفس الوقت ليوفر المال فعمل نادلاً فى المطاعم وعاملاً بالمناجم ، وكذلك فى غسيل الأطباق وبيع الصحف والمجلات فى الرابعة صباحاً ليحصل على راتب يستطيع من خلاله أن يعيش حياته فى ألمانيا، فكانت قصة نجاح فى جو غريب عنه وعادات وتقاليد لم يكن يعرفها فحاول وتأقلم . إلى أن أصبح أشهر خبير أنفاق في العالم، يصمم وينفذ أكبر المشروعات في مجال الأنفاق، لتعرف أوروبا والعالم اسم المهندس المصري هاني عازر، الذي وقع في حب الأنفاق وتربع على عرش هذا المجال، وبات اسمًا مطلوبًا في العديد من البلاد، وتم اختياره ضمن أهم 50 شخصية في ألمانيا، وكرمته المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل ، بعدها كرم في مصر من قبل الرئيس المصري الأسبق حسنى مبارك يوم 1 أكتوبر 2006. ومنحته ألمانيا وسام الاستحقاق من الدرجة الأولى تقديرًا لإنجازاته التي شهدتها ألمانيا ، ليصبح أسطورة الأنفاق والتشييد في العالم. المهندس المصري العبقري أمضى قرابة 40 عاما في ألمانيا، لم طول السنون لم تغير في ملامحه أو طباعه شيئا، فهو يفتخر في أي مكان وزمان بكونه مصريا، بالإضافة إلى فخره بما بذله من مجهود حتى وصل لما فيه الأن
في عام 1979 بدأ في حفر أول نفق يمر فيه مترو «دورتموند»، وكانت مهمة صعبة بسبب أن الأرض هناك أرض مناجم فحم، حيث تكثر بها الانهيارات لكونها تربة غير مستقرة. كانت مشكلة وتوصل بالحكمة والعمل الجاد إلى حلها وقد نجح لافتًا الأنظار إليه. ثم اخترع جهازاً يستقبل التحركات الأرضية في منطقة المناجم ويمنع حدوث هبوط مفاجئ للأرض وبالتالي سهولة بناء الأنفاق في تلك المناطق.
في عام 2006 أوكل إليه تنفيذ وتصميم وإدارة محطة برلين العالمية للقطارات. قبل اقامة بطولة كأس العالم لكرة القدم في ألمانيا وبالفعل نجح في ما فشل فيه المهندسون الألمانيون بالرغم من ضيق الوقت و بالفعل تم الافتتاح قبل البطولة بإسبوعين.
استطاع بحكمته وذكاءه التغلُّب على المشكلات التي واجهته فقد حوَّل مجرى نهر «سبراي» الذي يمر في قلب برلين 70 متراً، وحفر الأنفاق تحته ثم أعاد النهر لمجراه الأول دون أن تتأثر حركة النهر.
قام ببناء برج إدارى في المحطة بطول 70 متراً بشكل رأسى ثم قلبه أفقيًا ليمر بالعرض فوق خط القطارات الرابط بين شرق وغرب ألمانيا.هاني عازر أصبح يتواجد بمصر بشكل مستمر خلال العامين الماضيين منذ اختياره عضوا بمجلس علماء مصر، وكلفه الرئيس عبد الفتاح السيسي بمتابعة ما يجرى على أرض مصر من مشروعات وعلى رأسها المشروع القومي للطرق، بالإضافة إلى وضع أسس أنفاق قناة السويس الجديدة وتطوير شبكة سكك حديد مصر بشكل عام.
ينصح المهندس عازر الشباب أن يواصلوا الكفاح دون توقف، وقال لهم: إن الإنسان الذى يتصف بالغباء هو من يكرر خطأه مرتين دون أن يتعلم الدرس، ونصحهم أن يكونوا كالقطار الذى لا توجد به مرآة تسمح لسائقه أن ينظر إلى الوراء، وقال لهم: كونوا كسائقى القطارات، انطلقوا للأمام ولا تلتفتوا للوراء إلا لتتعلموا من أخطاء الماضى.
***
.. وعن مثابر آخر .. و قصة اصرار على النجاح .. سنحكي حكاية فاروق الباز ..