الرئيسية / دنيا الفنون / تليفزيون / حقبة كارثية فى حياة العائلة المالكة

حقبة كارثية فى حياة العائلة المالكة

رهان “نتفليكس” الأبرز هذه السنة عرض أخيراً. عشر حلقات جديدة من الدراما الفخمة The Crown “التاج”، مع حقبة عاصفة تكاد تكون كارثية في حياة العائلة الملكيةالإنجليزية، خيانة وشكوك وأزمات سياسية واقتصادية وانهيارات نفسية ورأي عام يهاجم هذا النظام الجامد الذي يرمز في نظرهم إلى عصور بائدة، ويتمنى إزاحة الملكة “القديمة” واستبدال ابنها الأكثر عصرية “تشارلز” بها، لكن شيئاً ما ينقص.

على رغم أن المواسم الأربعة السابقة من “ذي كراون” كانت تستعرض من دون مواربة أسرار الغرف المغلقة في ما يتعلق بحياة الأميرات بشكل خاص، من خلال تفاصيل صاخبة للغاية قد توحي بالمجون في بعض الأوقات، فإن تلك الأجزاء كانت تحمل في الأساس قدراً هائلاً من التوازن، حيث كانت الدراما تسير بإيقاع يليق بعمل سياسي تاريخي في المقام الأول، كما أن تسكين الممثلين في الأدوار على مدى الحلقات الأربعين السابقة كان موفقاً إلى حد كبير، ليأتي الموسم الخامس وبعد طول انتظار ويشهد انقساماً بين المتابعين، حيث لا يمكن إنكار جودته الفنية، ولكنه ليس على قدر ما مضى في ما يتعلق بنقاط عدة، بينها التناول شبه “الفضائحي” لحياة نساء الأسرة، وحتى اختيار الأدوار الرئيسة والفرعية على السواء وأبرزها لنجمة العمل الأولى صاحبة التاج والعرش “الملكة إليزابيث الثانية” التي جسدت شخصيتها هذه المرة الممثلة المخضرمة إيميلدا ستونتون ذات الـ66 سنة.

تهميش واضح لشخصية الملكة

التنويه الذي حملته الحلقات الجديدة ويشير إلى أن الأحداث روائية تستند إلى وقائع لم يضف شيئاً، فقط أرضى المعترضين على بعض “الخيالات” التي تضمنها السيناريو ولم تكن مؤكدة في الواقع، ولكن تلك الإضافات لم تفد كثيراً، لأن البوصلة ربما خانت بيتر مورغان مؤلف العمل لمرة نادرة، واستغرق في حكايات جانبية على طريقة الصحف الصفراء، وعلى رغم أن كثيراً من تلك التفاصيل كانت وقائع معروفة فإن التركيز عليها بشكل مبالغ فيه حول وجهة العمل تماماً، وهي حلقة أضعفت الحبكة وأسهم فيها التهميش غير المسبوق لظهور الملكة مقارنة بالمواسم السابقة، وقد استقطعت صاحبة التاج جانباً من المشاهد في إظهار غيرتها على زوجها وقلقها من أن يضربها الفشل الأسري كباقي أبنائها، بالبحث عن الرفيقة الجديدة للأمير فيليب الذي جسد شخصيته في مرحلة الكهولة جوناثان برايس، ثم استدعتها لتحذيرها للتدليل مجدداً على استماتتها في الحفاظ على المظهر التقليدي العام.

بالطبع من المتفهم أن حقبة التسعينيات كانت ديانا فيها نجمة العائلة بامتياز، ولكن المشاهد ينتظر أن يرى حضور الملكة إليزابيث الثانية وراء الكواليس ودورها في ما كان يجري، وهو الأمر الذي لم يتحقق إلا قليلاً، بخاصة أن إيميلدا ستونتون لم تستطع أن تملأ فراغ أوليفيا كولمان التي قدمت شخصية الملكة في منتصف العمر خلال الموسمين الثالث والرابع، بالتالي كانت تعليقات الجمهور في جانب كبير منها تتساءل عن سبب عدم استكمال كولمان أداء الدور بما أنها كانت أكثر إقناعاً وتلبساً للشخصية سواء في ما يتعلق بالحركة وبنبرة الصوت وحتى بالنظرات، فيما ستونتون وعلى رغم موهبتها وأيضاً قرب ملامحها وهيئتها الشديدين من المظهر الحقيقي للملكة الراحلة فإنها لم تكن على قدر التوقعات.

تقليد لا تقمص

الأمر يتكرر أيضاً في شخصية الأمير تشارلز، إذ انخرط دومينيك ويست في محاولات صارخة للتقليد، ولم ينجح كثيراً في التقمص بلا افتعال كأن يضغط على فكه لمحاكاة حركة الأمير المعهودة، ناهيك بابتعاد ملامحه كثيراً عن تشارلز الذي صار الآن ملكاً على العرش. أما إليزابيث ديبكي فقد كانت أفضل حالاً على رغم مبالغتها أحياناً في مط رقبتها والنظر بعينيها إلى الأسفل للتقرب أكثر وأكثر من “لزمات” الأميرة ديانا الحركية، ولكنها نجحت مع قرب ملامحهما وموهبتها وعدم افتعالها في تقديم شخصية ديانا سبنسر بشكل لامس الواقع كثيراً، وشكلت معاناتها مع العائلة حيزاً لا يمكن إغفاله من الحلقات، حيث التوتر والارتباك والشعور بالظلم والإهمال، والتأثر الشديد بتصرفات كاميلا باركر التي ظهرت باعتبارها سارقة الأزواج، بخاصة بعد تسريب حادثتها الرومانسية التي تم فيها تجاوز الحدود مع الأمير تشارلز والتي تم التجسس عليها عرضاً حينما كان كلاهما لا يزالان متزوجين. كل هذه الضغوط جعلت ديانا هدفاً سهلاً لما حدث بعد ذلك، حيث وقعت ضحية “خدعة” للصحافي مارتن بشير، الذي أقنعها بالظهور في حلقة على “بي بي سي” تسببت في تأثير سلبي هائل في الجميع. وكان من اللافت أن العمل أظهر المذيع الطموح حينها كـ”مستغل” وليس كصحافي مهني وأمين حسن النية وقع في فخ غير مقصود، إذ تم الاستناد في هذا التوجه على الغالب إلى اعتراف بشير قبل عام واحد فقط عما جرى واعتذاره الصريح لعائلة ديانا.

الأميرة الشابة المحبوبة التي عاشت وماتت والمآسي لم تتركها لم تسلم خلال الأحداث أيضاً من الإشارات إلى تصرفاتها غير المحسوبة، فهي الأنثى المعزولة جبراً وتبحث عن الحب في علاقات عابرة، بعد شعورها بالإقصاء المتعمد وسط انهيار زواجها، ومما يزيد من إحباطها الاضطراب الواضح في علاقتها مع ابنها الأكبر الأمير ويليام، الذي ظهر كطفل متحفظ يميل أكثر إلى الالتزام بالتقاليد الصارمة في العائلة المستقرة حتى لو كان هذا الاستقرار مزيفاً. الأمر نفسه بالنسبة إلى الأميرة آن (جسدت شخصيتها في هذا الموسم كلوديا هاريسون)، فهي المتزوجة والأم التي لا تتوقف عن إبداء إعجابها بالرجال من حولها أملاً في تحقيق السعادة مع الحب الحقيقي، ولم تغب الأميرة مارغريت من المعادلة بعد مواسم عاصفة خرجت فيها من قصة حب لأخرى، وكانت هدفاً للنميمة والشائعات، عادت في الحلقات الجديدة لتعيش على ذكرى تلك المغامرات، وتحاول بشكل عابر إحياء إحدى علاقاتها القديمة، متهمة الملكة بالتسبب في تعاستها إلى الأبد  

 بقى التأكيد أن الأميرة مارغريت التي عرفت بنزقها وشخصيتها الحماسية فقدت كثيراً من روحها في الجزء الجديد من “ذي كراون”، بعد أن تم إسناد دورها إلى الممثلة ليزلي مانفيل، بينما كانت هيلينا بونهام كارتر أكثر براعة في تجسيد الشخصية المتقلبة والناقمة في الموسمين الثالث والرابع.

لم يفت صناع العمل أيضاً التركيز على قصة خيانة زوجة الأمير أندرو له، إذ كان يشكو لوالدته باعتباره ابنها الأكثر تدليلاً، ليكتشف المشاهد أن تفاصيل الخيانات الزوجية تأخذ المساحة الأكثر اتساعاً من الحلقات العشر، وكأننا أمام عمل أخذ على عاتقه أن يستغل الحكايات المثيرة لصنع توليفة تجارية جاذبة، وهو الأمر الذي لم يعتد عليه المشاهدون الكلاسيكيون للمسلسل، الذي يعتبر على رغم كل شيء بصمة مهمة في تاريخ “نتفليكس”. وفي حين تعرضت اختيارات الممثلين في الأدوار الرئيسة لكثير من الانتقادات، ليس تشكيكاً في مواهب أصحابها ولكن في مدى ملاءمة كل منهم للدور، جاء أداء الممثلين العرب أكثر توفيقاً وحصد غالبهم إشادات نقدية من وسائل الإعلام الدولية المهتمة بالعمل، وعلى رأسهم الفلسطيني سليم ضو الذي جسد دور رجل الأعمال المصري محمد الفايد، كما تميز أمير المصري أيضاً على رغم ظهوره القليل في تقمص الشخصية نفسها في مرحلة الشباب، والشيء نفسه بالنسبة إلى أحمد غزي، فيما بدا خالد عبدالله الأكثر ارتباكاً وتفاوت مستوى أدائه بين المشاهد.

كان لافتاً أيضاً الاهتمام بإتقان الحوار باللهجة المصرية الذي شغل حيزاً معقولاً، ولم يتم التعامل معه باستهانة، بل كان واقعياً تماماً بالنسبة إلى الشخصيات في هذا العصر وفي تلك البيئة، على عكس ما حدث في مواسم سابقة من المرور بلا تركيز على بعض الشخصيات العربية وأبرزها الطريقة التي ظهر بها الزعيم المصري الراحل جمال عبدالناصر، حيث لم تكن اللهجة منضبطة بالمرة.

Independent News  

شاهد أيضاً

اختفاء “أوزوريس” من المتحف المصري الكبير وفتح ملف فساد “الآثار”

شهدت مواقع التواصل الاجتماعي في مصر أخيراً ردود فعل واسعة على إثر انتشار تسريبات منقولة …