جمعتني صلة مباشرة بالكاتب الكبير عاطف بشاي خلال السنوات الخمس الأخيرة، فاقتربت منه ومن زوجته الرقيقة ورفيقة مشوار حياتة الأستاذة ماري التى لم تفارقه طوال مسيرته وحتى آخر يوم فى حياته، فكانت نعم السند والمرافق له فى كل لحظات حياته الإنسانية وحتى العملية.
لم يكن عاطف بشاي مجرد كاتب ناجح تحقق كتاباته رواجًا وردود فعل قوية، بل كان سفيرًا للأفكار والمشاعر الإنسانية التي تعكس تفاصيل الحياة اليومية، حتى أن كل عمل من أعماله كان بمثابة نافذة تطل على جوانب مختلفة من الحياة المصرية، حيث تناول القضايا الاجتماعية والنفسية بأسلوب متميز، نالت أعماله السينمائية والتليفزيونية محبة واحترام الجميع، كما نال هو محبة كل من عرفه عن قرب، فكان ناصحًا أمينًا لا يخشى في قول الحق لومة لائم، وكانت رؤيته العميقة وإبداعه الفريد سببًا في تأثيره على مريديه؛ سواء زملاؤه في المهنة أو تلاميذه أو من يعملون بالوسط الإعلامي والفني.
برغم حزني، وكثيرون مثلي، على رحيل الكاتب الكبير، إلا أن عزاءنا هو ما تركه عاطف بشاي من إرث فني غني من الأعمال التي تعد علامات بارزة في تاريخ السينما والتليفزيون، ومنها في فترة الثمانينيات فيلم “فوزية البرجوازية” بطولة صلاح السعدني وإسعاد يونس، و«محاكمة علي بابا»، و«الوزير جاي» و«قبل الوصول لسن الانتحار» و«يوميات ست عصرية»، ثم توالت أعماله البارزة ومنها أفلام “إلى أين تأخذني هذه الطفلة”، و”الملائكة لا تسكن الأرض”، و”اللص”، و”ونسيت أني امرأة”.. وغيرها.
وعلى صعيد الدراما التليفزيونية، فقد أبدع في كتابة مسلسلات مثل “اللقاء الثاني”، و”حضرة المحترم”، و”السندريلا”، وكتب السيناريو والحوار لعدد كبير من المسلسلات التلفزيونية. من بينها «عمارة يعقوبيان»، و«شخلول»، و«الكلام المباح» و«ناس وناس»، و«نقل مخ».. وغيرها من الأعمال التي ساهمت في تشكيل وعي وذوق الجمهور في مصر والعالم العربي.
الكاتب المبدع عاطف بشاي يستحق الاحتفاء به وتذكره دائمًا، فرحيله الجسدي لا يعنى رحيل أعماله الخالدة، بل سيبقى رمزًا للإبداع والتواضع، ونموذجًا يحتذى به في عالم الكتابة الراقية والهادفة، ولن ننسى قصصه وأفكاره التي ستظل راسخة في ذاكرتنا، تذكرنا دومًا بأن الإبداع لا يعرف حدودًا.
رحم الله فارس الكوميديا النبيل عاطف بشاي.