الرئيسية / صحافة ورأي / وشهد شاهد من أهلها: شهادة يهودية في القضية الفلسطينية (2-2)

وشهد شاهد من أهلها: شهادة يهودية في القضية الفلسطينية (2-2)

مودي حكيم
مودي حكيم

 

أحد الأمور المتناقضة فى السلوك الإسرائيلى، والتى يشير لها كتاب «عن فلسطين» للكاتب (فرانك بارات)، أنه رغم احتلال إسرائيل للأراضى الفلسطينية بعد حرب عام ١٩٦٧؛ فإن إسرائيل ترفض دمج الفلسطينيين كمواطنين إسرائيليين، وترفض أيضًا أن يكون لهم بلدهم، أو العيش بحرية على أرضهم.. بالإضافة لفرضها شروطًا قاسية تمنعهم من الخروج منها. لذا إذا كنت فلسطينيًا، فأنت عديم الجنسية، بلا انتماء، ولا حتى المواطنة. ويتساءل تشومسكى: كيف تدعم حكومة الولايات المتحدة حالة النسيان هذه؟ وماذا يتوقع الجميع؟، أن يذعن الفلسطينيون لأسيادهم الإسرائيليين ويقبلون ما يأتى فى طريقهم؟!.. وضع مفجع للغاية ومثير للغضب. إن الوضع الحالى الذى ارتكبت فيه إسرائيل جريمة إبادة جماعية هو مأساوى.

الكتاب يؤكد أن هذه ليست المرة الأولى التى يحدث فيها ذلك. فهذا يحدث منذ فترة طويلة، خاصة منذ عام ٢٠٠٦. لكنه الأسوأ هذه المرة. ليؤكد نعوم تشومسكى فى الكتاب أنه على الرغم من أن إسرائيل وأفضل صديق لها الولايات المتحدة قد دافعتا كلاميًا عن حل الدولتين، فإنهما ستتراجعان أو تعترضان فى أى وقت يقترب من التنفيذ.

لا تكمن أهمية ترجمة هذا الكتاب فى تقديمه حلولاً ومعالجاتٍ للقضية الفلسطينية فحسب، بل حتى فى تحليله واقعَ النزاع داخل المجتمع الإسرائيلى وصراعاته الطبقية، كذلك تكمن أهميته فى عرضه مقاربةً بين الحالتين، جنوب الإفريقية والفلسطينية، على أنهما قضيتا صراع ضد الإمبريالية وأنظمة الفصل العنصرى؛ كما يشارك كل من تشومسكى وبابى تجربتهما داخل المجتمع الإسرائيلى وخارجه، وأهم التحولات التى طرأت على الرأى العام- الأمريكى بشكلٍ خاص- فى السنوات الأخيرة، بما فى ذلك الأوساط الأكاديمية التى تبدو أكثر تقبلًا للطرح المناهض لنظام الفصل العنصرى من ذى قبل. إن الدافع لترجمة هذا العمل لم يكن بالنسبة إلىّ بسبب الحلول التى يقدمها، لكن التساؤلات التى يطرحها ويحاول الإجابة عنها، وكذلك المفاهيم التى يحاول معالجتها، مثل معنى أن تكون ناشطًا، وحقيقة النشاط والحراك المناهض للحركة الصهيونية اليوم وتطوراته. أجد كذلك أن نوعية النقاشات والأسئلة التى يطرحها حول المواقف الأخلاقية تجاه القضية، ومحاولة إضفاء فاعلية أكبر عليها من أجل كسب الرأى العام وخلق قنوات ضغط على متخذى القرار، أشدّ ارتباطاً بأحداث العالم العربى اليوم أكثر من أى وقتٍ مضى.

الكتاب يقع فى حوالى ٢٠٠ صفحة، هناك مقالة تمهيدية يشارك فيها إيلان بابى أفكاره حول القضية الفلسطينية وما يشعر أنه يمكن أن يكون حلاً محتملاً للمشكلة. إنها ثاقبة ومثيرة للتفكير. معظم ما نقرؤه يفطر القلب ويغضبنا. لكنه كتاب مهم ويجعلنا نفهم الوضع الحالى بشكل أفضل. هذا هو كتابى الأول لتشومسكى وأول كتاب لى لإيلان بابى، وأنا سعيد بقراءته.

شاهد أيضاً

دولار ترمب

لا يعدم الرئيس دونالد ترمب طريقة أو وسيلة لجني المال. كان آخرها الأسبوع الماضي الدولار …