ولكن منذ الصيف الماضي، جُهز المبنى الواقع في بلدة إيست دبيوك، في ولاية إلينوي، على بعد نحو ثلاث ساعات إلى الغرب من شيكاغو، بأجهزة طبية غير معروفة من المفترض أنها تمد المرضى بـ “طاقة قوة الحياة”. وهذا الفندق الصغير السابق، هو أحد المواقع العديدة المنتشرة في أرجاء الولايات المتحدة، والتي تقدم هذا النوع من العلاجات، والتابعة لشركة Tesla BioHealing “تسلا بيوهيلينغ”، التي ليست لديها أي علاقة بشركة السيارات الشهيرة. قررتُ مؤخرا أن أجرب العلاج بطريقة “مدبيد”. وبعد أن تم استقبالي في مكتب الاستقبال في ردهة المركز في ظهيرة يوم غائم، أخضعتني طبيبة لاختبار لتحديد مستويات الطاقة لدي، بأن جعلتني أضع أصابعي داخل صندوق معدني.
وأدخلوني بعد ذلك إلى إحدى الغرف، والتي لا يبدو أنه طرأ عليها تغييرا يذكر منذ أن كان المبنى يعمل كفندق صغير بسيط. ورحت انتظر تدفق “طاقة قوة الحياة البيوفوتونية النقية” إلى جسدي. ويرمز اسم “مدبيد” اختصارا إما لـ “ميديكال بيد” أي “أسرة طبية” أو مديتيشين بيد” أي “أسرة تأمل”، وقد أصبحت هذه الفكرة العلاجية شائعة بشكل متزايد على قنوات طبية فرعية، وعلى كافة شبكات التواصل الاجتماعي المعروفة وتطبيقات الدردشة.
لكن الآراء بخصوصها تتفاوت بشكل كبير، ويبدو أن نظرة الناس إلى هذه الطرق العلاجية مختلفة إلى حد كبير عما هي عليه في الحقيقة. يصر البعض على أن “مدبيد” هي تكنولوجيا سرية، ومن غير المرجح أن تكون متاحة للبشر العاديين، إذ يحرص كبار المليارديرات والأعضاء في الأجهزة التي تتحكم بمصائر الشعوب من خلف الكواليس ويطلق عليها تعبير “الدولة العميقة” على إخفائها عن عامة الناس. كما تحيط بـ “مدبيد” نظريات مؤامرة عجيبة، منها أنها “تكنولوجيا فضائية”، وهناك أيضا ادعاءات غريبة متعلقة بها، مثل القول إن الرئيس الأمريكي السابق جون إف كينيدي، لا يزال على قيد الحياة وذلك بفضل ربط جسده بأحد أجهزة “مدبيد”.
وإلى جانب ما سبق، هناك أيضا فئة لديها رأي أقل تحليقا في عالم الخيال، ترى أن “مدبيد” علاج حقيقي جدا، ومتاح للجميع، لكنه ليس من ضمن التيار الطبي السائد. وهذا الرأي الأخير هو الذي تراهن عليه شركة “تسلا بيوهيلينغ” ومجموعة أخرى من الشركات العاملة في نفس المجال، في الأسعار الباهظة التي حددتها لقاء توفير هذا العلاج.
وتقدم “تسلا بيوهيلينغ” على سبيل المثال أجهزة “مدبيد” منزلية بأسعار تصل إلى 19999 دولارا، في حين أن ساعة من العلاج في غرفة في أحد مراكز “مدبيد” التابعة للشركة، وكلها عبارة عن موتيلات، لا تكلف سوى 160 دولارا.
ولكن حتى ضمن العالم الذي ينظر إلى “مدبيد” كسلعة استهلاكية، وبعيدا عن تصورات مثل الكائنات الفضائية أو جون كنيدي الحي حتى اليوم، تثير ماهية “مدبيد” الحقيقية كثيرا من الجدل والخلاف. وهناك أسباب وجيهة للغاية لذلك، كما ترى سارة أنيانو، محللة المعلومات المضللة في مركز مكافحة التطرف التابع لرابطة مكافحة التشهير. تقول أنيانو “من الصعب حقا تقديم تعريف محدد لشيء غير موجود”.
أجرت أنيانو أبحاثا حول انتشار النقاشات عن “مدبيد” عبر الإنترنت، وقامت ضمن محاولتها لفهم الأمر بشكل أفضل بإجراء تجربة هذا العلاج مع شركة تحمل اسم “90.10”. وهي تقول “كانت التجربة بمثابة لا شيء، يطلبون منك أن تستلقي على السرير، وتفكر بعمق في مدبيد”.
وتضيف أن الشركات التي تقدم هذا العلاج تلجأ إلى حماية نفسها بذكر معلومات تخلي مسؤوليتها، وتوضح “يذكرون على الموقع الخاص بهم، بأحرف دقيقة للغاية في الأسفل أن مدبيد لا يفترض بها معالجة الأمراض أو تشخيصها”. وهذه الطريقة شائعة في إخلاء المسؤولية، ونلاحظ أن كافة الشركات التي تقدم منتجا مرتبطا بـ “مدبيد” تستخدمه بإحدى الطرق.
ورغم أن كل هذه الشركات تضع قوائم طويلة من الأمراض التي من المفترض أن تساعد تقنياتها في علاجها، وتقدم شهادات من العملاء الراضين عن العلاج، إلا أنها تقول إن منتجاتها لا تهدف إلى استبدال العلاجات التي يقدمها طبيب مؤهل.
وليست شركة “تسلا بيوهيلنج” استثناء، إذ كتب في أعلى موقع الشركة على الإنترنت بوضوح على ما يلي: “لا يمكننا تشخيص أي مرض أو حالة أو علاجها أو شفائها أو الوقاية منها”.
ومع ذلك، تنص المواد الترويجية الخاصة بالشركة على ما يلي: “يلاحظ العديد من الأشخاص تحسنا في صحتهم العامة حتى بعد ساعة واحدة فقط من التمدد والراحة على تسلا مدبيد” ، وتدرج الشركة عددا من الادعاءات المحددة، غير المدعومة ببراهين، حول أمراض معينة.
BBC News