تألقت المغنية الكندية سيلين ديون، في حفل افتتاح أولمبياد باريس، ليكون أول ظهور لها على المسرح وعودتها للغناء في قلب عاصمة النور بعد غياب أربع سنوات عن الغناء بسبب إصابتها بمرض نادر.
وخطفت سيلين، 56 عاما، الأنظار وكانت أحد أبرز أيقونات الحفل المبهر أمام برج إيفل الشهير، وظهرت بفستان أبيض ملائكي، وشدت بنسخة معدلة من أنشودة الحب “L’hymne a l’amour” ، الأغنية الشهيرة للمغنية الفرنسية الراحلة إديث بياف، وأطلت على الجمهور من على مسرح في الطبقة الأولى لبرج إيفل.
وكان أخر ظهور لها في حفلات الأولمبياد عام 1996، عندما قدّمت عرضاً غنائياً في افتتاح أولمبياد أتلانتا بالولايات المتحدة الأمريكية، وأعلنت في 2022 توقفها عن الغناء تماماً، نظراً لصعوبة مواصلة العمل في ظل إصابتها بالمرض النادر متلازمة الشخص المتيبّس.
وجاء ظهورها في الحفل بمثابة مفاجأة سارّة لجمهورها، خاصة أنه لم يكن هناك مؤشرات أو أخبار من جانبها حول مشاركتها، لكنها كانت قد أكدت وجودها في باريس قبل الافتتاح ونشرت صوراً لها مع معجبيها في الشارع على منصة إكس وإنستجرام . . وكتبت سيلين تعليقاً على الصورة: “سعادتي غامرة لوجودي هنا معكم هذا الأسبوع، وأود أيضاً تقديم الشكر الجزيل لقوات الشرطة والدرك للحفاظ على سلامتنا”.
ذكرت تقارير فرنسية أن سيلين ديون ستكون نجمة حفل الأولمبياد، بجانب المغنية الأمريكية ليدي غاغا، وأجرها سيصل إلى مليوني دولار مقابل أداء أغنية واحدة.
وقبيل الحفل نشرت سيلين تغريدة على موقع إكس، قالت فيها: “يشرفني أن أؤدي الليلة حفل افتتاح باريس 2024، ويغمرني الفرح بعودتي إلى إحدى المدن المفضلة لدي!”. وتتحدث ديون اللغة الفرنسية لأنها من مواليد مقاطعة كيبيك الناطقة بالفرنسية، في كندا، وكان لفرنسا نصيب كبير من نجوميتها وشهرتها، حين حققت انتشاراً عالمياً كبيراً بعد نجاح ألبومها الغنائي بالفرنسية دو (D’eux)، عام 1995، وكان من تأليف الموسيقي الفرنسي الشهير جان جاك غولدمان.
وفي عام 1997، حظيت ديون بنجاح عالمي كبير بفضل أغنية “My Heart will go on” (ماي هارت ويل غو أون)، في إطار الموسيقى التصويرية لفيلم “تايتانيك” لجيمس كاميرون. وأوضحت أن في تغريدتها أن أهم حدث بالنسبة لها في هذه الليلة هو “الاحتفاء بهؤلاء الرياضيين الرائعين، بكل قصصهم عن التضحية والتصميم والألم والمثابرة”.
ووجّهت سيلين رسالة إلى الرياضيين المشاركين في الأولمبياد، قالت فيها: “لقد ركزتم جميعاً على حلمكم، وسواء حصلتم على ميدالية وعدتم بها إلى أوطانكم أم لا، آمل أن يكون وجودكم هنا يعني أن الحلم قد أصبح حقيقة بالنسبة لكم! يجب أن تكونوا جميعاً فخورين جداً. فنحن نعلم جهودكم لتكونوا الأفضل على الإطلاق. واصلو السعي، استمروا، قلبي معكم! – سيلين”.
وسريعاً جاء الرد من إيلون ماسك، مالك منصة إكس ورجل الأعمال الأمريكي الشهير، وعلّق على تغريدة سيلين بعد الحفل قال فيها: “لقد كنتِ رائعة”. كما أشاد رئيس الوزارء الكندي جاستن ترودو، بظهور سيلين ديون في حفل افتتاح أولمبياد باريس، ونشرعدة تغريدات قبل وبعد الحفل على منصة إكس. وغرّد قبل الحفل: “إحدى سكان كيبيك مصدر فخرنا من شارلمان على خشبة المسرح لحضور حفل الافتتاح!”
وأضاف: “إنها شخصية كندية بارزة تتمتع بموهبة رائعة، وقد تغلبت على الكثير لتكون هنا الليلة. سيلين، من الرائع رؤيتك تغني مرة أخرى”. وبعد الحفل غرّد ترودو، قائلاً: “هذا الأداء الرائع لا يمكن أن ننساه، شكراً سيلين”. واحتفت الصفحة الرسمية للألعاب الأولمبية على منصة إكس بعودة سيلين ديون، للغناء في حفلات الافتتاح ونشرت فيديو لأغنيتها “قوة الحلم” The Power of the Dream، والتي غنتها في حفل افتتاح أولمبياد أتلانتا عام 1996.
وجاء في التغريدة، “إنها سيلين، أتلانتا 1996.. باريس 2024، سيلين ديون”. منذ عام 2020، لم تظهر سيلين ديون في أي حفلة غنائية، بسبب جائحة كورونا وقتها، ثم قررت العودة للغناء بعد عامين وتنظيم جولة غنائية عالمية.
لكن في 2022 كانت صدمة العالم أجمع عندما أعلنت صاحبة أغنية تايتانيك الشهيرة، أنها مصابة بمرض نادر، ةكتبت على إنستغرام في ديسمر/ كانون الأول، ” “كنت أواجه مشاكل صحية لفترة طويلة”، “تم تشخيصي باضطراب عصبي نادر جداً”. بعد هذا الإعلان المدمر، أوقفت سيلين ديون جولتها الغنائية العالمية، وانسحبت من الحياة العامة ونادراً ما شوهدت في الأماكن العامة.
لم يكن الجمهور ليعرف أبداً الصراع الذي كانت تواجهه خلف الكواليس، لكن تشخيص حالتها المرضية في النهاية جعلها تدرك أن ما تعانيه ليس مجرد إرهاق بسبب الجولة الغنائية. بل كان مرضاً دائماً. وتعد متلازمة التشنج العضلي، مرضاً مناعياً يمكن أن يكون منهكاً ولا يوجد علاج معروف له. ويحدث المرض بسبب عدم وصول الإشارات من الأعصاب إلى العضلات بشكل صحيح.
ويمكن خلال نوبة مرضية شديدة، أن تكون التشنجات سيئة للغاية لدرجة أنها بالكاد تستطيع التحرك. ولكن بعد أن تم تشخيصها بشكل صحيح، أصبحت الآن تفهم الحالة وتمكنت أخيراً من التعامل معها.
وكانت الصدمة الأكبر في 25 يونيو/حزيران الماضي، عند بث الفيلم الوثائقي الجديد عنها بعنوان: “أنا سيلين ديون”.
وظهرت فيه وهي في حالة بكاء شديد وتشندج عضلي وتيبس في الوجه والجسم بالكامل أثناء إحدى نوبات المرض لمدة 10 دقائق، كانت فاقدة السيطرة على جسدها تماماً، ثم تم لفّها ببطانية حتى هدأت. وبعد انهيارها التام والبكاء تقول إنها تشعر بالإحراج لفقدان السيطرة على جسدها، وقالت في الفيلم “لن أدع المرض يتغلّب علي. ما زلت أرى نفسي أرقص وأغني.. أنا دائما أجد الخطة “ب” والخطة “ج” ، كما تعلمون”.
الاسم الطبي لمرضها غير المعروف هو متلازمة الشخص المتيبس (SPS)، وهي حالة عصبية نادرة تسبب تشنج العضلات.وقالت سيلين لبي بي سي: ” شعرت بغرابة بعض الشيء، مثل تشنج بسيط. كان صوتي يعاني، وبدأت أضغط عليه قليلاً”.
وكشفت عن الفرق الدقيق في حالة صوتها، من خلال غناء المقاطع القليلة الأولى من أغنيتها الناجحة “قوة الحب” التي صدرت عام 1993، حيث أظهرت كيف عانت لتجبر صوتها على الاحتفاظ بنفس قوة الأداء، الذي كان يأتي بسهولة أكبر في السابق.
BBC News