يحتفل ملايين الأشخاص حول العالم باليوم العالمي للبيئة الذي يوافق الخامس من يونيو (حزيران) كل عام، ويعتبر أكبر منصة عالمية للتوعية العامة بالبيئة ويقوده برنامج الأمم المتحدة للبيئة (UNEP) ويعقد سنوياً منذ عام 1973.
ويشارك في الاحتفال باليوم العالمي للبيئة أكثر من 150 بلداً من جميع أنحاء العالم، حيث تستضيف العاصمة السعودية الرياض احتفال هذا العام والذي يركز على استعادة الأراضي ووقف التصحر ومقاومة الجفاف تحت شعار “أرضنا مستقبلنا”.
واهتمت الرياض بقضية “استصلاح الأراضي ومقاومة التصحر والجفاف”، فأطلقت مبادرات عدة منها “السعودية الخضراء” و”الشرق الأوسط الأخضر”، بهدف حماية الأراضي من التدهور وتقليل الانبعاثات الكربونية، والحد من التلوث واستعادة البيئات البرية والبحرية والحفاظ عليها لتعزيز التنوع الأحيائي.
المنتدى العربي للبيئة
وفي اليوم الذي سبق “اليوم العالمي للبيئة”، استضافت الرياض “المنتدى العربي للبيئة” الذي عقد يومي الثالث والرابع من يونيو الجاري تحت شعار “إعادة تأهيل الأراضي لتعزيز القدرة على الصمود”.
وناقش المجتمعون أربعة محاور رئيسة تتعلق بتدهور الأراضي والتحديات البيئية الإقليمية والعالمية، وتعزيز الأمن الغذائي والمائي، وأهمية الالتزام البيئي في المحافظة على النظم الأرضية.
وجاء البيان الختامي مؤكداً ضرورة تعزيز التعاون الإقليمي والدولي لحشد الدعم والزخم المطلوبين، مع أهمية مواصلة الجهود المشتركة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة وتحييد ظاهرة تدهور الأراضي، ومن ذلك التوسع في إعادة تأهيل الأراضي وتعزيز القدرة على الصمود في مواجهة الجفاف والتحديات البيئية المتزايدة.
وأوصى المشاركون بضرورة تعزيز التعاون الإقليمي والدولي لمواجهة تدهور الأراضي والتصحر الذي بات يهدد مساحات أكبر في المنطقة العربية، ويخلف آثار سلبية عميقة اقتصادياً واجتماعياً، إضافة إلى دعم التعاون بين الدول العربية وتبادل الخبرات للمحافظة على النظم البيئية الأرضية وإعادة تأهيل المتدهور.
الشرق الأوسط الأخضر
وتقود السعودية التي تغطي رمالها 33 في المئة من مساحتها بنحو 635 ألف كيلومتر مربع مبادرتي “السعودية الخضراء” و”الشرق الأوسط الأخضر” اللتين تشارك فيهما وتدعمهما أكثر من 50 دولة بهدف تنمية الغطاء النباتي ومكافحة التصحر، وحماية الموائل الطبيعية وتقليل الانبعاثات الكربونية عبر تشجير المساحات الشاسعة من الأراضي القاحلة وشبه القاحلة وإعادة تأهيلها.
وتهدف المبادرتان إلى خفض الانبعاثات العالمية بنحو 10 في المئة من خلال زرع 50 مليار شجرة في الشرق الأوسط، وما يعادل خمسة في المئة من هدف التشجير العالمي، ويعد أكبر البرامج لزراعة الأشجار في العالم إذ يسهم في خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون عالمياً بنسبة 2.5 في المئة.
تقليل الانبعاثات الكربونية
وتسير الرياض في طريقها نحو تحقيق هدفها بالوصول إلى الحياد الصفري بحلول عام 2060، عازمة على توليد 50 في المئة من الطاقة الكهربائية من مصادر متجددة بحلول عام 2030، كما تعهدت بتقليل انبعاثاتها من مكافئ ثاني أكسيد الكربون بمقدار 278 مليون طن سنوياً حتى عام 2030، تماشياً مع “اتفاق باريس” للمناخ. وتعمل السعودية على تحقيق هذا الهدف عبر تطبيق نموذج الاقتصاد الدائري للكربون وتطوير مصادر الطاقة النظيفة والمتجددة للاستخدام المحلي والدولي، وتنفيذ برامج لتعزيز كفاءة الطاقة مع إطلاق مبادرات التشجير والاستثمار الواعي في قطاعات عرفت بكثافة انبعاثاتها الكربونية، مثل التصنيع والتعدين والسياحة والنقل وتقنية المعلومات، إضافة إلى الاستثمار في مشاريع احتجاز الكربون واستخدامه، كما تتطلع إلى إزالة 1500 طن من ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي يومياً.
المحميات البرية
وتعمل السعودية على استعادة وحماية النظم البيئية والطبيعية ودعم ازدهار الأنواع النباتية والحيوانية بما يسهم في تعزيز جمال الطبيعة فيها، وقد نجحت في إعادة تأهيل 1920 كيلومتراً مربعاً من مساحة الغطاء النباتي بنهاية عام 2023، وزرع 3 ملايين شجرة برية وتأهيل 9.9 كيلومتر مربع من المدرجات الزراعية جنوب غربي البلاد.
وبلغت نسبة المناطق البرية المحمية في السعودية 18.1 في المئة، أما نسبة المناطق البحرية المحمية فبلغت 6.49 في المئة من إجمال مساحة البلاد، كما يجري العمل على تنفيذ خمس مبادرات ستسهم في زيادة نسبة المناطق البرية المحمية إلى أكثر من 21 في المئة، وزيادة نسبة المناطق البحرية المحمية إلى أكثر من 26 في المئة بحلول عام 2030.
كما نجحت الرياض في إعادة توطين 1669 حيواناً مهدداً بالانقراض، مثل المها العربي وغزال الرمل والوعل في المحميات الطبيعية، وشهدت العام الماضي ولادة سبعة من صغار النمر العربي في العلا ضمن برنامج إكثار وحماية الأنواع المهددة بالانقراض.
نداء الأمم المتحدة
يواجه النظام البيئي العالمي تهديدات متزايدة بداية من الغابات والأراضي الجافة إلى الأراضي الزراعية والبحيرات، ووفقاً لـ “اتفاق الأمم المتحدة لمكافحة التصحر” فإن ما يصل إلى 40 في المئة من أراضي الكوكب متدهورة، مما يؤثر بشكل مباشر في نصف سكان العالم، ويهدد ما يقارب نصف الناتج المحلي الإجمالي العالمي بقيمة 44 تريليون دولار أميركي، وقد زاد تواتر ومدة حالات الجفاف بنسبة 29 في المئة منذ عام 2000، ومن دون اتخاذ إجراءات عاجلة فقد يؤثر الجفاف في أكثر من ثلاثة أرباع سكان العالم بحلول عام 2050.
وتعد استعادة الأراضي ركيزة لعقد الأمم المتحدة لاستعادة النظم البيئية (2021 – 2030)، وهو نداء عالمي لحماية وإحياء النظم البيئية في جميع أنحاء العالم، وهو أمر حاسم لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، بحسب الأمم المتحدة.
خطر الجفاف
وبحسب منظمة الصحة العالمية فإن هناك 700 مليون شخص معرضون لخطر النزوح نتيجة الجفاف بحلول عام 2030، إذ يلحق أضراراً بنحو 55 مليون نسمة في العالم كل عام، وهو الأشد خطراً على الماشية والمحاصيل، كما يهدد سبل عيش الناس ويزيد خطر الإصابة بالأمراض والوفيات ويعزز الهجرة الجماعية، ويؤثر شح المياه كذلك في 40 في المئة من سكان العالم.
ومن المتوقع أن تستضيف السعودية التي تضم أكبر صحراء رملية متصلة في العالم، الدورة الـ 16 لمؤتمر الأطراف لـ “اتفاق الأمم المتحدة لمكافحة التصحر” (COP-16) خلال ديسمبر (كانون الأول) المقبل في العاصمة الرياض.
Independent News